والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن نهج نهجهم بإحسان إلى يوم الدين.
أولاً – تقديــم:
لقد منَّ الله تعالى على الأمة الإسلامية بأفضال كثيرة ومنح عظيمة ، فقد مَنَّ عليها بنعمة التوحيد…
ومنَّ عليها برسالة محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وسيد ولد آدم أجمعين…
ومنَّ عليها بشريعته التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، لأنها تنزيل من حكيم حميد…
ومنَّ عليها بأن جعل شريعته محيطة وشاملة لكل ما يسعد خلق الله أجمعين…
ومنَّ عليها بأن نظم لها أمور دينها وأمور دنياها ، بأن شرع لها ما يصلح عقيدتها ، وما ينمي ويرقق أخلاقها ، وما ينظم مسيرة حياتها بإرساء الأحكام العقائدية والأخلاقية والعلمية (الفقهية).
ومنَّ عليها بأن حدد لها المرجع الذي ترجع إليه في استقاء هذه الأحكام ومعرفتها…
وقال صلى الله عليه وسلم: (( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا كتاب الله وسنتي )) .
ومنَّ عليها بأن جعل هذه الشريعة هي خاتمة الشرائع ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم المرسلين ، وأنها تحكم أمور الناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ومنَّ عليها بأن فتح باب الاجتهاد لعلماء هذه الأمة وصفوتها الذين وهبوا أنفسهم ووجهوا عقولهم وأفكارهم إلى خدمة هذه الشريعة والامتثال لأوامرها فتسلحوا بالإيمان ، وعرفوا حقه ، وتسلحوا بمعرفة ما في كتاب الله تعالى ، وما في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فانبثقت عن هذه المعرفة اجتهاداتهم التي غمرت أمة الإسلام منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم حتى الآن ، ما قصر عهد من عهودها ، ولا نكص عالم من علمائها ، وما أغلق باب للرحمة فتحه الله تعالى ، وطبقه رسوله صلى الله عليه وسلم، وسار على هديه صحابته من بعده رضوان الله عليهم ، ثم تابعوهم وأتباع تابعيهم … وهكذا إلى يومنا هذا …