الفروق الأساسية بين الضريبة والزكاة

٢٥ ديسمبر. ٢٠١٦

الفروق الأساسية بين الضريبة والزكاة 

 

لا يجب أن يطلق على الزكاة ضريبة ، ولا أن يطلق على الضريبة زكاة ، حيث توجد فروق أساسية بينهما ، وإن وجد بعض التماثل فى بعض الجوانب الإجرائية .

ويمكن تلخيص أهم الفروق الجوهرية بين الزكاة والضريبة على النحو التالى:

(1)     - زكاة المال فريضة وركن من أركان الإسلام وعبادة مالية وطاعة لله ورسوله ، والضريبة ليست كذلك .

(2)  - زكاة المال عبارة عن تمليك جزء من الأموال لمستحقى الزكاة ، وهى حق لهم وليس مّنة من الأغنياء عليهم ، بينما الضريبة اقتطاع إجبارى لجزء من  أموال الأفراد والشركات والمؤسسات وغيرها توجه إلى خزينة الدولة وفقاً للتشريع الضريبى الوضعى .

(3)  - الزكاة حق لمستحقيها وهذا الحق معلوم لكل من المكلف والمستحق ، بينما يعتقد دافع الضريبة أنها ليست حقاً للدولة لأسباب عديدة منها أن جزءاً منها ينفق فى وجوه لا يستفيد منها الفقراء ، كما أنها تؤخذ من الفقراء والأغنياء .

(4)  - تجب زكاة المال فى الأموال التى تتوافر فيها شروط معينة منها أن يكون المال فائضاً عن الحوائج الأصلية وخالياً من الدين وأن يصل نصاباً معيناً فى بعض الزكوات ، بينما لا تأخذ الضريبة هذه الشروط فى الحسبان حيث أحياناً تؤخذ من الفقير الذى هو دون حد الكفاية وحد الكفاف وسواء عليه دين أم لا .

(5)  - لزكاة المال مصارف محددة ومعلومة هى ثمانية وتهتم بالعنصر الإنسانى ولا يجب أن توزع حسب هوى الحاكم ، بينما توزع حصيلة الضرائب حسب تقدير ولى الأمر ، ويستفيد منها الفقراء والأغنياء ، بل فى بعض الأحيان يستأثر بالاستفادة منها الأغنياء .

(6)  تعتبر الزكاة عبادة الله والامتثال لأوامره كما أنها شكر له ، تغلاس فى المسلم خصال الكرم والمحبة ، وهى مرتبطة بحفظ الحاجات الأصلية للإنسان وهى : حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال ، بينما يصعب على أى نظام ضريبى تحقيق ذلك ، بل نجد أنه فى بعض الدول تستخدم جزءاً من حصيلة الضريبة ضد حاجات الإنسان المعتبرة شرعاً .

(7)  - تهدف الزكاة إلى تحقيق التكافل الاجتماعى نصاً وروحاً وربط الفقير         بالغنى ، بينما فشلت نظم الضرائب الوضعية فى تحقيق ذلك ، وكل ما نسمعه هو تغنى ومتاجرة بالكلام بل أحياناً تؤدى الضريبة إلى الحسد والكراهية بين الناس بصفة عامة ، وبين الممولين والأجهزة الضريبية .

(8)  - تهدف الزكاة إلى التحفيز على الاستثمار وعدم الاكتناز وتوفير الأموال السائلة للمشروعات الاقتصادية ، بينما تؤدى الضريبة إلى الاكتناز وذلك فى ظل أسعار الضرائب المرتفعة .

(9)  - تؤدى زكاة المال إلى تحقيق التنمية الاقتصادية التلقائية ومحاربة الفقر ، بينما عجزت النظم الضريبية عن تحقيق ذلك بنفس المستوى ، بل أحياناً يؤدى ارتفاع أسعار الضرائب فوق الطاقة إلى التهرب منها أو الإحجام عن إنشاء المشروعات الاستثمارية .

(10)    - تتسم أحكام زكاة المال بالثبات والاستقرار ولا تصطدم ببيئة ولا بزمن ولا بظروف بينما تتغير وتتعدل قوانين الضرائب على مر الأيام والأزمنة .

(11)- يقوم المزكى من تلقاء ذاته من باعث ودافع الحب لله وتقرباً إليه بسداد الزكاة ، ومن يتهرب منها فهو ضعيف الإيمان ، بينما نجد أن دافع الضرائب يراوغ ويحاور ويحاول جهده لتجنبها والتهرب منها لغياب الباعث الإيمانى وضعف الباعث والدافع الذاتى عنده .

ولا تعنى هذه الفروق حث الناس على عدم أداء الضرائب بل هى من حقوق المجتمع لتمويل الخدمات العامة التى تخرج عن نطاق مصارف الزكاة مثل الأمن والتعليم والعلاج ونحوه ، وإن كان هناك انحراف فى توجيه حصيلتها فيقع الإثم على ولى الأمر وبطانته وعلينا أن ندعوهم إلى الخير ونأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر .

ومن ناحية أخرى نناشد أولياء أمور المسلمين المعنيين بأمور الضرائب بتطبيق نظام زكاة المال ، وتطوير وإصلاح النظم الضريبية القائمة فى ضوء أحكام الزكاة ، عندئذ تتحقق البركة والنفع مصداقاً لقول الله تبارك وتعالى : " فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً " [ طه : 123-124 ] ، ومصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبداً : كتاب الله وسنتى " (رواه مسلم) .

من كتاب أساسيات أحكام الزكاة

دكتور حسين حسين شحاتة