طبيعة النشاط الصناعى ومدى خضوعه للزكاة
يقصد بالصناعة عملية تحويل الخامات وما فى حكمها إلى منتجات أو خدمات ذات منافع ، وهى مهنة حلال طيبة ، أشار إليها القرآن فى أكثر من موضع يقول الله تبارك وتعالى :) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ ([الأنبياء :80] ، وقوله عز وجل :) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا([ المؤمنون :27] ، ولقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على حرفة الصناعة فيقول :" إن الله يحب المؤمن المحترف "(الترمذى والبيهقى ) ولقد كان سيدنا نوح عليه السلام نجاراً ، وكان سيدنا داود عليه السلام يصنع الدروع .
وتخضع الأموال المستثمرة فى النشاط الصناعى للزكاة ودليل ذلك قول الله عز وجل :) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ( [التوبة :103] ، ويدخل فى نطاق تلك الأموال المستثمرة فى الصناعة ، كما يقول سبحانه وتعالى :) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ([البقرة :267] ، ويعتبر النشاط الصناعى من مصادر الكسب الحلال الطيب ، كما تعتبر الأموال المستثمرة فى النشاط الصناعى نامية بالفعل ومن ثم تجب فيها الزكاة .
ومن ناحية أخرى لم يَردْ دليل قوى يعفى النشاط الصناعى من الزكاة حيث كان السائد فى صدر الدولة الإسلامية هو التمازج والتفاعل بين نشاطى الصناعة والتجارة ، حيث كان المسلم يصنع السلعة ثم يبيعها ، كما كان الأمر فى صناعة الملابس والدروع ، ومن ثم يطبق على النشاط الصناعى فقه زكاة التجارة.
ولقد صدر عن مجامع الفقه المعاصرة الفتاوى والمقررات التى تُخضِع النشاط الصناعى للزكاة ، يُرجع فى ذلك إلى فتاوى الندوة الأولى لقضايا الزكاة المعاصرة ، تنظيم الهيئة الشرعية العالمية للزكاة ، بيت الزكاة–الكويت ، ربيع الأول 1409هـ/أكتوبر 1988م – زكاة المشروعات الصناعية
من كتاب أساسيات أحكام الزكاة
دكتور حسين حسين شحاتة